الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: موسوعة الفقه الإسلامي
.حكمة مشروعية الخيار: من أجل ذلك أعطى الإسلام فرصة للتروِّي تسمى الخيار، يتمكن المتبايعان أثناءها من اختيار ما يصلح وما يناسب من إمضاء البيع أو فسخه. عَنْ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ رَضيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: قالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «البَيِّعَانِ بِالخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا، أوْ قال: حَتَّى يَتَفَرَّقَا، فَإِنْ صَدَقَا وَبَيَّنَا بُورِكَ لَهُمَا فِي بَيْعِهِمَا، وَإِنْ كَتَمَا وَكَذَبَا مُحِقَتْ بَرَكَةُ بَيْعِهِمَا». متفق عليه. .أقسام الخيار: خيار المجلس.. والشرط.. والغبن.. والتدليس.. والعيب.. والخيانة.. وخيار الاختلاف في الثمن.. وخيار تفرق الصفقة.. وخيار الإعسار.. وخيار الرؤية. .1- خيار المجلس: ومدته: من حين العقد إلى التفرق بالأبدان، وتحرم الفرقة من المجلس خشية أن يستقيله. ويثبت خيار المجلس في البيع، والصلح، والإجارة، وغيرها من العقود التي يُقصد منها المال، أما العقود اللازمة التي لا يُقصد منها المال مثل عقد الزواج والخلع فلا يثبت فيها خيار المجلس، وكذلك لا يثبت في العقود غير اللازمة كالوكالة، والشركة، والمضاربة. عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُما عَنْ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم أنَّهُ قَالَ: «إِذَا تَبَايَعَ الرَّجُلانِ فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا، وَكَانَا جَمِيعاً، أوْ يُخَيِّرُ أحَدُهُمَا الآخر، فَتَبَايَعَا عَلَى ذَلِكَ، فَقَدْ وَجَبَ البَيْعُ، وَإِنْ تَفَرَّقَا بَعْدَ أنْ يَتَبَايَعَا وَلَمْ يَتْرُكْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا البَيْعَ، فَقَدْ وَجَبَ البَيْعُ». متفق عليه. .2- خيار الشرط: فيصح هذا الخيار ولو طالت. ومدته: من حين العقد إلى أن تنتهي المدة المشروطة، ومتى انقضت المدة المعلومة ولم يفسخ العقد لزم البيع. ويسقط الخيار بإسقاطهما له بعد العقد، وإن أسقطه أحدهما بقي خيار الآخر، وينقطع بموت أحدهما، ويسقط الخيار بالقول، كما يسقط بتصرف المشتري في المبيع ببيع، أو وقف، أو هبة؛ لأن ذلك دليل رضاه. عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُما عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِنَّ المُتَبَايِعَيْنِ بِالخِيَارِ فِي بَيْعِهِمَا مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا، أوْ يَكُونُ البَيْعُ خِيَاراً». متفق عليه. .3- خيار الغبن: فإذا غُبن أحدهما فهو بالخيار بين الإمساك أو الفسخ، كمن انخدع بمن يتلقى الركبان، أو بزيادة الناجش الذي لا يريد الشراء، أو كان يجهل القيمة، أو لا يحسن المماكسة في البيع. فيثبت الخيار لكل مغبون في مثل هذه الصور، وهو مخير بين أن يُمضي البيع ويفوض أمره إلى الله، وأن يرد المبيع ويأخذ قيمته، وأن يأخذ قدر ما غُبن به. .4- خيار التدليس: وهذا الفعل محرم؛ لما فيه من الغش والكذب والخداع، فإذا وقع ذلك فهو بالخيار بين الإمساك أو الفسخ، وإذا حلبها ثم ردها، رد معها صاعاً من تمر عوضاً عن اللبن. عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضيَ اللهُ عَنهُ أنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لا تَلَقَّوُا الرُّكْبَانَ، وَلا يَبِعْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ، وَلا تَنَاجَشُوا، وَلا يَبِعْ حَاضِرٌ لِبَادٍ، وَلا تُصَرُّوا الغَنَمَ، وَمَنِ ابْتَاعَهَا فَهُوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ بَعْدَ أنْ يَحْتَلِبَهَا: إِنْ رَضِيَهَا أمْسَكَهَا، وَإِنْ سَخِطَهَا رَدَّهَا وَصَاعاً مِنْ تَمْرٍ». متفق عليه. .5- خيار العيب: إما أن يردها ويأخذ الثمن، أو يمسكها ويأخذ أرش العيب، فتقوَّم السلعة سليمة، ثم تقوَّم معيبة، ثم يأخذ الفرق بينهما. وإن اختلفا عند من حدث العيب كعرج وفساد طعام ونحوهما، فقول بائع مع يمينه إن لم تكن بينة لأحدهما. ويحرم على البائع أن يبيع سلعة بها عيب دون بيانه للمشتري؛ لما في ذلك من الغش لأخيه المسلم. عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ حَمَلَ عَلَيْنَا السِّلاحَ فَلَيْسَ مِنَّا، وَمَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا». أخرجه مسلم. .6- خيار الخيانة: ويثبت هذا الخيار في بيع التولية، والشركة، والمرابحة، والمواضعة. ولابد في جميعها من معرفة البائع والمشتري رأس المال. وهذا البيع محرم؛ لما فيه من الخيانة والكذب. قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ [27] وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ [28]} [الأنفال:27- 28]. .7- خيار الخلاف في السلعة أو الثمن: .8- خيار تفرق الصفقة: .9- خيار الإعسار: .10- خيار الرؤية: وكذا لو باع البائع ما لم يره، ووصفه للبائع، فله الخيار إذا رآه، إن شاء أمضى البيع، وإن شاء فسخ البيع. .خطر الغش: فهو محرم في المعاملات كلها، ومحرم في الأعمال المهنية، ومحرم في الصناعات، ومحرم في العقود والبيوع وغير ذلك؛ وذلك لما فيه من الكذب والخداع، ولما يسببه من الخصام والعداوة والبغضاء، فلا يليق بالإنسان فضلاً عن المسلم فعله. عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ حَمَلَ عَلَيْنَا السِّلاحَ فَلَيْسَ مِنَّا، وَمَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا». أخرجه مسلم. .أنواع العيوب في البيع: عيوب مؤثرة في ذات المبيع، وعيوب مؤثرة في كمال المبيع. .1- العيوب المؤثرة في ذات المبيع: .2- عيوب الكمالات: .حكم البيع المطلق: ولو قال لصاحبها: أُصَرِّفها لك بما تيسر وآخذ مائة ريال جاز؛ لأن الأجرة معلومة، وكذا لو قال له صاحبها: بع هذه السلعة بألف ولك مائة ريال جاز. .حكم البيع بعد التفرق: الأولى: أن يقول: بعتك هذه الدار بمائة ألف ريال، وليس لك خيار، ثم يقبل ذلك المشتري، فحينئذ يلزم البيع، ويسقط خيار المجلس. الثانية: أن يقول المشتري: قَبلت شراء هذه الدار بكذا على أن لي الخيار ثلاثة أيام، ويقبل ذلك البائع، فيبقى البيع معلقاً، فإذا تمت المدة فللمشتري أن يمضي البيع أو يفسخه. .حكم تلف المبيع في مدة الخيار: .طرق إسقاط الخيار: 1- الإسقاط الصريح: وهو أن يقول أحدهما: أسقطت الخيار أو أبطلته، أو رضيت بالبيع وقبلته، فهذا يُبطل الخيار، ويلزم البيع. 2- الإسقاط دلالة: وهو أن يوجد ممن له الخيار تصرف يدل على إجازة البيع، وإثبات الملك. كالتصرف فيه بالبيع أو الهبة، أو الوقف، أو يسكن المشتري الدار المبيعة، أو يُحدث فيها بناءً؛ لأن هذه التصرفات دليل اختيار الملك. 3- إسقاط الخيار بطريق الضرورة: فيسقط الخيار، ويصبح البيع لازماً بأمور: 1- مضي مدة الخيار المتفق عليها، ولم يفسخ أحدهما العقد. 2- هلاك المبيع في مدة الخيار قبل القبض يُبطل البيع، ويُسقط الخيار، وإن هلك بعد القبض لزم البيع، وضمنه المشتري. 3- إذا أصاب من له الخيار جنون أو إغماء ونحوهما مما يزول به العقل. .شروط ثبوت خيار العيب: ثبوت العيب قبل التسليم.. جهل المشتري بوجود العيب عند العقد والقبض.. عدم اشتراط البراءة من العيب في البيع.. ألا يزول العيب قبل الفسخ.. ألا يكون العيب طفيفاً تمكن إزالته دون مشقة. .أوجه الرد بالعيب: أحدها: أن يرد المشتري السلعة على البائع، ويأخذ الثمن كله. وهذا إذا كانت السلعة على حالها، ولم يحدث بها عيب عند المشتري، ولم يعلم بالعيب، ولم يرض به، فهذا له الخيار بأخذها أو ردها. الثاني: ليس له أن يردها، ولكن له أن يرجع بنقصان العيب، وهذا فيما إذا حدث فيها عيب آخر عنده. الثالث: ليس له أن يردها، ولا يرجع بنقصان العيب، وهذا إذا كان قد علم بالعيب وقت الشراء، أو رضي به بعده. وإذا أراد المشتري رد السلعة على البائع بسبب العيب حلف بالله أنه لم يعلم بالعيب وقت الشراء، ولم يرض به حين علم. .الفرق بين السلم والاستصناع: وعقد الاستصناع: عقد مع ذي صنعة على عمل شيء معين. وتكون مادة الصنع من الصانع كالاتفاق على صنع أواني، أو أحذية ونحوهما. فإن كانت العين من المستصنع لا من الصانع، فإن العقد يكون إجارة لا استصناعاً. وينعقد الاستصناع بالإيجاب والقبول بين الطرفين. وهو عقد لازم يشبه السلم؛ لأنه بيع معدوم، لكن أجيز للحاجة إليه، ويفترق عنه من حيث أنه لا يجب فيه تعجيل الثمن، فيكفي فيه العربون. والباعث على عقد السلم شدة حاجة البائع إلى نقود، والباعث على عقد الاستصناع رغبة وحاجة المستصنع. .شروط عقد الاستصناع: 2- العلم بالمصنوع جنسه، ونوعه، وقدره، وصفته. والاستصناع كالسلم في ذلك؛ لأن كلاًّ منهما مبيع، والمبيع يشترط كونه معلوماً غير مجهول. 3- أن يكون المصنوع مباحاً مما يجري فيه تعامل الناس كالثياب والأحذية والآلات؛ لأن العبرة في العقود المقاصد النافعة. .3- السَّلَم: فهو بيع عُجِّل ثمنه، وأُجِّل مثمنه، وبيع آجل بعاجل. كأن يعطيه ألف ريال على أن يسلمه مائة كيلو من تمر العجوة بعد سنة. ويسمى السلف تارة.. والسلم تارة. .أحوال البيع والشراء: الأولى: أن يدفع البائع السلعة للمشتري، ويأخذ الثمن، وهو البيع الحال. الثانية: أن يقدم البائع السلعة، ويؤخر المشتري الثمن، وهو بيع الأجل. الثالثة: أن يقدم المشتري الثمن، ويؤخر البائع السلعة، وهو بيع السلم. وقد أباح الله عز وجل هذه الصور الثلاث رفقاً بالناس، وتيسيراً عليهم في معاملاتهم، البائع والمشتري على حد سواء. .حكم السلم: 1- قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ} [البقرة:282]. 2- وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضيَ اللهُ عَنهُمَا قَالَ: قَدِمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم المَدِينَةَ وَهُمْ يُسْلِفُونَ بِالتَّمْرِ السَّنَتَيْنِ وَالثَّلاثَ، فَقال: «مَنْ أسْلَفَ فِي شَيْءٍ فَفِي كَيْلٍ مَعْلُومٍ، وَوَزْنٍ مَعْلُومٍ، إِلَى أجَلٍ مَعْلُومٍ». متفق عليه. .حكمة مشروعية السلم: .أقسام البيع: الأول: البيع المطلق: وهو بيع السلع بالدراهم والدنانير ونحوهما. الثاني: بيع المقايضة: وهو بيع العين بالعين نحو بيع الجمل بالسيارة، وبيع الثوب بالحنطة. الثالث: بيع الصرف: وهو بيع النقد بالنقد، وهو بيع الثمن المطلق بالثمن المطلق، وهو الدراهم والدنانير، والريالات والدولارات ونحو ذلك من العملات المتداولة. الرابع: بيع السلم: وهو بيع الدين بالعين. فإن المُسْلَم فيه بمثابة المبيع وهو دين، ورأس المال بمثابة الثمن المسلم فهو عين. ولا يشترط القبض في النوعين الأولين، ويشترط القبض في النوعين الأخيرين. ففي الصرف يشترط قبض البدلين، وفي السلم يشترط قبض أحد البدلين وهو ثمن السلعة المؤجلة. .شروط صحة السلم: ويشترط للسلم شروط زائدة على شروط البيع لضبطه، وهي نوعان: شروط في الثمن.. وشروط في المسلم فيه. أما شروط الثمن فهي: أن يكون معلوم الجنس.. معلوم المقدار.. وأن يسلم في مجلس العقد. وأما شروط المسلم فيه فهي: أن يكون المبيع في الذمة.. وأن تُعلم صفته ومقداره.. وأن يكون الأجل معلوماً. ولا يشترط في السلم أن يكون المسلم إليه مالكاً للمسلم فيه، بل يراعي وجوده عند حلول الأجل. ويجوز أخذ غير المسلم فيه عوضاً عنه مع بقاء عقد السلم؛ لأنه عوض مستقر في الذمة، فجازت المعاوضة عنه كسائر الديون من قرض وغيره.
|